Wednesday, February 13, 2008

BAB 5

معرفة أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل منه :

فأول ما نزل :

1) أصح الأقوال أن أول ما نزل على الإطلاق هو قوله تعالى :

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (٣)الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) - العلق 1-5 –

▫دليل: ما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة رضى الله عنهما :

...فكان يأتي حراء فيتحنث فيه الليالى ذوات العدد...فجاءه الملك فيه قال رسول الله (ص) : (فقلت : ما أنا بقارئ , فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد ,ثم أرسلني فقال :اقرأ,فقلت : ما أنا بقارئ , فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلنى ,فقال : اقرأ,فقلت: ما أنا بقارئ , فغطني الثالثة حتى بلغ منى الجهد ,ثم أرسلني فقال :( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)) –العلق 1- حتى بلغ- (مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥), فرجع بها الرسول الله (ص) ترجف بواده.....الحديث.

2) وقيل إن أول ما نزل هو قوله تعالى :( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ( (١)

▫ دليل : رواه الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال :سألت جابر عن عبد الله – رضي الله عنهما- أي القرأن أنزل قبل ؟ قال: يآيها المدثر.قلت :أو إقرأ باسم ربك؟قال:أحدثكم ما حدثنا به رسول الله (ص) قال: إني جاورت بحراء,فلما قضيت جوارى نزلت فاستبطنت الوادى,فنظرت أمامي وخلفي وعن يمينى وشمالى,ثم نظرت إلى السماء,فإذا هو –يعنى جبريل- فأخذتنى رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثرونى,فأنزل الله : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)إلى آخر السورة.

- وأجيب عن حديث جابر بأن السؤال كان عن نزول سورة كاملة,فبين جابر أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة إقرأ,فإن أول ما نزل منها صدرها.

3) وقيل : إن أول ما نزل هو سورة (الفاتحة),ولعل المراد أول سورة كاملة.

4)وقيل :( بسم الله الرحمن الرحيم ).والبسملة تنزل صدرا لكل سورة,ودليل هذين أحاديث مرسلة.والقول الأول المؤيد بحديث عائشة هو الراجح المشهور.

▫دليل : وقد ذكر الزركشى فى (البرهان) حديث عائشة الذى نص على أن أول ما نزل : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)قُمْ فَأَنْذِرْ (٢):

قال رسول الله (ص): بينا أنا أمشى سمعت صوتا من السماء ,فرفعت رأسى,فإذا الملك الذي جاءنى بحراء جالس على الكرسي بين السماء والأرض,فزعت منه فرجعت,فقلت :زملونى,فأنزل الله تبارك وتعالى : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)

♦ أخبر في هذا الحديث عن مالك الذي جاءه بحراء قبل هذه المرة ,وأخبر في حديث عائشة أن نزول (إقراء) كان فى غار حراء ,وهو أول الوحى,ثم فتر بعد ذلك..فعلم أن (إقراء) أول ما نزل مطلقا,وأن سورة المدثر بعده.

آخر ما نزل :

1) قيل : آخر ما نزل آية الربا

▫ دليل: لما أخرجه البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: آخر آية نزلت آية الربا.

قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا (٢٧٨)-البقرة 278-

2) وقيل : آخر ما نزل من القرآن.

قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨١)- البقرة.

▫ دليل : لما رواه النسائى وغيره عن ابن عباس وسعيد بن جبير:آخر شيء نزل من القرآن : وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ .

3) وقيل : آخر ما نزل آية الدين.

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ... (٢٨٢)

▫ دليل : روى عن سعيد بن المسيب :أنه بلغه أن أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدين.

♦ ويجمع بين الروايات الثلاث بأن هذه الأيات نزلت دفعة كترتيبها فى المصحف

: آية الربا,فآية (وَاتَّقُوا يَوْمًا ) ,فآية الدين ,لأنها فى قصة واحدة..فأخبر كل راو عن بعض ما نزل بأنه آخر,وذلك صحيح, وبهذا لايقع التنافى بينهما.

4) وقيل :آخر ما نزل آية الكلالة.

▫ دليل : كما روى الشيخان ,حملت الآخرية هنا فى قول البراء على أنها مقيدة بما يتعلق بالموارث.

5) وقيل : آخر ما نزل قوله تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) إلى آخر السورة.

- ففى (المستدرك) عن أبى بن كعب :آخر آية نزلت: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ..(١٢٨)-التوبة إلى آخر السورة,وحمل هذا على أنها آخر ما نزل من سورة لراءة.

▫ دليل : رواه مسلم عن ابن عباس ,ويحمل هذا الخبر على أن هذه السورة آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبي (ص) كما فهم بعض الصحابة منها ذلك,أو أنها آخر ما نزل من السور.

6) وقيل : آخير ما نزل سورة المائدة : (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠).

▫ دليل : رواه الترميزي والحاكم فى ذلك عن عائشة رضى الله عنها وأجيب :بأن المراد أنها آخر سورة نزلت فى الحلال والحرام ,فلم تنسخ فيها أحكام.

7) وقيل : آخير ما نزل قوله تعالى :( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ... (١٩٥)- ال عمران.

▫ دليل : لما أخرجه ابن مردويه من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت :آخر آية نزلت هذه الآية : (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ ..)

إلى آخرها .

8) وقيل : آخر ما نزل آية : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)-النساء.

▫ دليل : لما أخرجه البخارى وغيره عن ابن عباس قال :هذه الآية :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ )هي آخر ما نزل ,وما نسخها شيء ,والتعبير بقوله (وما نسخها شيء ) يدل على أنها آخر ما نزل فى حكم قتل المؤمن عمدا.

9) وعن ابن عباس قال : آخر سورة نزلت : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)

▫ هذه الآقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي (ص) ,وكل قال بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن.

♦ أما قوله تعالى : ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ...(٣)-المائدة.

- هذه الأية نزلت بعرفة عام حجة الوداع,ويدل ظاهرها على إكمال الفرائض والأحكام,وقد سبقت الإشارة إلى ما روى فى نزول آية الربا,الدين,الملالة ةغيرها.

- لذا حمل كثير من العلماء إكمال الدين فى هذه الأية على أن الله أتم عليهم نعمته بتمكينهم من البلد الحرام وإجلاء المشركين عنه,أو حجهم وحدهم دون أن يشاركهم فى البيت الحرام أحد من المشركين.

♦ الأسباب التي أكثر الخلاف في آخر ما نزل,كما قال القاضي أبو بكر الباقلاني فى الإنتصار):

1- هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي (ص) .

2- أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن.

3- أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه عن النبي (ص) فى اليوم الذى مات فيه أو قبل مرضه بقليل .

أوائل موضوعية .

1) أول ما نزل فى الأطعمة.

- فأول آية نزلت بمكة آية الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)- الأنعام.

- ثم آية النحل : (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤)إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥)

- ثم آية البقرة : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)

- ثم آية المائدة : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)

2) أول ما نزل فى الأشربة .

- أول آية نزلت فى الخمر آية البقرة : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)

- ثم آية المائدة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)

- عن ابن عمر قال: نزل فى الخمر ثلاث آيات,فأول شيء : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)-البقرة.

- فقيل : حرمت الخمر,فقالوا: لا رسول الله ,دعنا ننتفع بها كما قال الله.فسكت عنهم.ثم نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ... (٤٣)-النساء.

- فقال رسول الله (ص) : (حرمت الخمر).فقالوا:يا رسول الله,لا نشربها قرب الصلاة.فسكت عنهم.ثم نزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)-المائدة.فقال رسول الله (ص): حرمت الخمر.

3) أول ما نزل فى القتال.

- عن ابن عباس قال: أول آية نزلت فى القتال:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)-الحج.

فوائد هذا المبحث.

1) بيان العناية التى حظى بها القرآن الكريم,صيانة له وضبطا لآياته.

-قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)-الحجر.

2) إدراك أسرار التشريع الإسلامى فى تاريخ مصدره الأصيل.

- فإن آيات القرآن الكريم عالجت النفس البشرية بهداية السماء.

3) تمييز النلسخ عت المنسوخ.

PREPARED BY: MUHAMMAD ZUWAIRI A.K.A BRO-Z

0 Comments:

blogger templates | Make Money Online